الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وروى عطاء الخراساني عنه قال: كان الغنىّ يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه فيقول: والله إنّى لأحتج أن آكل معك أي أتحرّج وأنا غنىّ وأنت فقير، فنزلت هذه الآية.وقال عكرمة وأبو صالح: نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلاّ مع ضيفهم فرخّص لهم في أن يأكلوا حيث شاؤوا جميعًا مجتمعين، أو أشتاتًا متفرقين.{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ} أي ليسلّم بعضكم على بعض كقوله سبحانه {وَلاَ تقتلوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].عن الحسن وابن زيد حدّثنا ابن حبيب لفظًا في شهور سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة قال: حدّثنا أبو حاتم محمد بن حيان البستي قال: حدّثنا محمد بن صالح الطبري قال: حدّثنا الفضل بن سهل الأعرج قال: حدّثنا محمد بن جعفر المدائني قال: حدّثنا ورقاء عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السلام اسم من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم، فإنّ الرجل المسلم إذا مرَّ بالقوم فسلّم عليهم فردّوا عليه كان له عليهم فضل درجة بذكره إيّاهم بالسلام، فإن لم يردّوا عليه ردّ عليه من هو خير منهم وأطيب».وحدّثنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن العباس البغوي قال: حدّثنا أبو محمد عبد الملك بن محمد بن عبد الوهاب البغوي قال: حدّثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن سمعان أن سعيد المقبري أخبره عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إذا وقف أحدكم على المجلس فليسلّم، فإن بدا له أن يقعد فليقعد، وإذا قام فليسلّم، فإنّ الأُولى ليست بأحقّ من الآخرة».وقال بعضهم: معناه: فإذا دخلتم بيوت أنفسكم فسلّموا على أهلكم وعيالكم، وهو قول جابر بن عبد الله طاووس والزهري وقتادة والضحاك وعمرو بن دينار، ورواية عطاء الخراساني عن ابن عباس، قال: فإن لم يكن في البيت أحد فليقل: السلام علينا من ربّنا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على أهل البيت ورحمة الله.حدّثنا ابن حبيب لفظًا قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى بن كعب العدل إملاءً قال: حدّثنا أبو نصر اليسع بن زيد بن سهل الرسّي بمكة سنة اثنتين وثمانين ومائتين قال: حدّثنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لي لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا قال لي لشيء كسرته: لِمَ كسرته؟ وكنت واقفًا على رأسه أصبّ على يديه الماء فرفع رأسه فقال «ألا أُعلّمك ثلاث خصال تنتفع بها؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله بلى، قال: من لقيت من أُمّتي فسلّم عليه يَطُلْ عمرك، وإذا دخلت فسلّم عليهم يكثر خير بيتك، وصلّ صلاة الضُحى فإنّها صلاة الأَبرار».وقال بعضهم: يعني فإذا دخلتم المساجد فسلّموا على مَن فيها.أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن مهل الصنعاني قال: حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس في قوله: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ} الآية.قال: إذا دخلت المسجد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.{تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ الله} نصب على المصدر أي تحيّون أنفسكم بها تحيّةً، وقيل: على الحال بمعنى تفعلونه تحيّة من عند الله {مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ إِنَّمَا المؤمنون الذين آمَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ} أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {على أَمْرٍ جَامِعٍ} يجمعهم من حرب أو صلاة في جمعة أوجماعة أو تشاور في أمر نزل {لَّمْ يَذْهَبُواْ} لم يتفرّقوا عنه ولم ينصرفوا عمّا اجتمعوا له من الأمر {حتى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الذين يَسْتَأْذِنُونَكَ} يا محمد {أولئك الذين يُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ}.أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن خلف قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدّثنا علي عن أبي حمزة الثمالي في هذه الآية قال: هو يوم الجمعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يقضي الحاجة، والرجل به العلّة لم يخرج من المسجد حتى يقوم بحيال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يراه، فيعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه إنّما قام ليستأذن، فيأذن لمن شاء منهم.{فَإِذَا استأذنوك لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} أمرهم {فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} في الانصراف {واستغفر لَهُمُ الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاءَ الرسول بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}.قال ابن عباس: يقول: احذروا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتموه، فإنّ دعاءه موجب ليس كدعاء غيره.وقال مجاهد وقتادة: لا تدعوه كما يدعو بعضكم بعضا: يا محمد، ولكن فخّموهُ وشرّفوه وقولوا: يا نبيّ الله، يا رسول الله، في لين وتواضع.{قَدْ يَعْلَمُ الله الذين يَتَسَلَّلُونَ} أي يخرجون، ومنه: تسلّل القطا {مِنكُمْ} أيُّها المنصرفون عن نبيّكم بغير إذنه {لِوَاذًا} أي يستتر بعضكم ببعض ويروغ في خفّة فيذهب، واللواذ مصدر لاوذ بفلان يلاوذ ملاوذة ولواذًا، ولو كان مصدرا للذُتُ لقال: لياذًا مثل القيام والصيام.وقيل: إنّ هذا في حفر الخندق، كان المنافقون ينصرفون بغير أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لواذًا مختفين.{فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي أمره وعن صلة، وقيل: معناه يعرضون عن أمره وينصرفون عنه بغير إذنه {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي قتل عن ابن عباس، عطاء: الزلازل والأَهوال، جعفر بن محمد: سلطان جائر يسلّط عليهم، الحسن: بلية تظهر ما في قلوبهم من النفاق {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وجيع عاجل في الدنيا. {ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض} عبيدًا وملِكًا ومُلكًا وخلقًا ودلالةً على وجوده وتوحيده وكمال قدرته وحكمته.{قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ}. اهـ.
|